اخبار سريعة

تمازيغتسلايدشوسياسة

رشيد الحاحي: الكفاءات الأمازيغية خارج تدبير أو المشاركة في المؤسسات العمومية

الأمازيغية بين التهميش المؤسساتي وتحديات التفعيل الدستوري

يشكل التعدد الثقافي واللغوي أحد أهم مكونات الهوية الوطنية المغربية، حيث تعتبر الأمازيغية ركيزة أساسية في هذا الإطار. ورغم التنصيص الدستوري على الطابع الرسمي للأمازيغية منذ دستور 2011، إلا أن تفعيل هذا المقتضى ما زال يواجه عقبات متعددة، من أبرزها التهميش المؤسساتي للكفاءات والأطر الأمازيغية.

الأمازيغية خارج المؤسسات

من الواضح أن الأطر والكفاءات الأمازيغية، من باحثين وخبراء ومثقفين وفنانين وتقنيين ومدبرين، قد تم تهميشهم بشكل منهجي في المؤسسات العمومية ومراكز القرار. هؤلاء الذين تشكل وعيهم الثقافي ومسارهم العلمي والمهني في إطار الفكر الداعي إلى التعدد اللغوي والتنوع الثقافي، عملوا لعقود على إرساء خطاب يحترم الأمازيغية ويؤكد على ضرورة تفعيل مقتضياتها الدستورية والقانونية.

رغم ذلك، يتم استبعاد هذه الكفاءات من المساهمة في تدبير المؤسسات الوطنية مثل المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، إضافة إلى عدد من الوكالات والهيئات ذات الاستقلالية الإدارية والمالية. هذه المؤسسات، التي تلعب دورًا محوريًا في التخطيط والتنفيذ، يفترض أن تكون واجهة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، لكنها تغيب الكفاءات الأمازيغية عن مراكز القرار فيها.

إقصاء ممنهج وعقبات متعددة

الغياب الأمازيغي عن هذه المؤسسات لا يمكن تفسيره فقط على أنه مصادفة، بل يبدو أنه نتيجة لسياسات تفتقد إلى الإرادة الحقيقية لتمكين الأمازيغية والكفاءات المرتبطة بها. ففي سياق التعيينات الرسمية بالمؤسسات الكبرى، نادرًا ما نرى حضورًا لافتًا لأطر أمازيغية بالرغم من توفرهم على الكفاءة والخبرة اللازمتين.

التمثيل المتدني للكفاءات الأمازيغية يتناقض مع أهداف دسترة الأمازيغية، حيث يتطلب هذا التفعيل وجود نخبة مؤهلة تعمل على وضع السياسات وتقييمها وتنفيذها. بيد أن مراكز القرار ما زالت تحت هيمنة سياسات تميل إلى تغييب هذا المكون الهام من الهوية الوطنية.

المؤسسات ومأزق التفعيل

الأمازيغية ليست مجرد لغة، بل هي ثقافة وطنية ورؤية مجتمعية تعكس التنوع والثراء المغربي. ومع ذلك، فإن المؤسسات التي يفترض أن تعمل على التفعيل الدستوري لهذه اللغة والثقافة تظل مقيدة بإرادة سياسية مترددة في تنفيذ التزاماتها. من أبرز الأمثلة على ذلك عدم وجود تمثيلية أمازيغية في مجلس وكالة تقييم التعليم العالي الذي يرأسه رئيس الحكومة.

هذا الغياب لا يقتصر فقط على المؤسسات المركزية، بل يمتد إلى الهيئات الجهوية والمحلية التي تخدم مناطق ذات غالبية أمازيغية، مثل أكادير وورزازات والحسيمة وخنيفرة وغيرها.

أزمة التمثيل وضعف الإرادة السياسية

الإقصاء الممنهج للكفاءات الأمازيغية يعكس غياب إرادة سياسية حقيقية لتعزيز دور الأمازيغية في المؤسسات. لا يتعلق الأمر بنقص الكفاءات، فهناك عشرات الأطر المؤهلة المنتشرة في مختلف جهات المملكة، بل هو عدم استعداد لاستخدام هذه الكفاءات لدعم المؤسسات وتحقيق الحكامة.

الخاتمة

إن استمرار تهميش الأمازيغية والكفاءات المرتبطة بها يهدد بتقويض الجهود المبذولة لتعزيز الهوية الوطنية المتعددة. المطلوب هو إرادة سياسية قوية لتفعيل مقتضيات الدستور والقوانين المتعلقة بالأمازيغية، والاعتراف بدور الكفاءات الأمازيغية في بناء مؤسسات قوية تخدم جميع المغاربة دون استثناء. المؤسسات القوية تحتاج إلى تعدد فكري وثقافي يضمن تمثيل كافة مكونات المجتمع، والأمازيغية جزء لا يتجزأ من هذا التعدد.

عبر عن رأيك؟

مقالات اخرى

9 / 1

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *