مع الحديث عن تجديد مدونة الأسرة في المغرب، يبرز دور المرأة الأمازيغية كنموذج تاريخي متميز في بناء المجتمعات ودعم قيم المساواة والعدالة. فمنذ الأزل، كانت المرأة الأمازيغية محوراً أساسياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وقد ساهمت بفعالية في بناء الحضارة الأمازيغية عبر أدوارها القيادية والتنظيمية.
المرأة الأمازيغية: زعيمة وشريكة في البناء
في المجتمع الأمازيغي، حملت المرأة لقب “تمغارت”، والذي يعني “الزعيمة” أو “القائدة”، ما يؤكد مكانتها الريادية في الأسرة والمجتمع. لم يكن هذا اللقب مجرد مجاز؛ فالمرأة الأمازيغية كانت تقرر، تخطط، وتقود، متخذةً أدواراً محورية في إدارة الشؤون الأسرية، الاقتصادية، وحتى العسكرية.
آلهة أمازيغية تجسد مكانة المرأة
تقديراً لدورها الفاعل، قدّست الحضارة الأمازيغية النساء، وجسدتهن كآلهة مثل:
- تانيت: رمز الخصب والرخاء والحب، والتي عُبدت في قرطاج وما حولها.
- تين هينان: القائدة الطوارقية التي مثلت رمزاً للحكمة والاستقرار، ودورها يُعد شهادة تاريخية على تقدير المجتمع الأمازيغي للمرأة كأم روحية وقيادية.
القوانين العرفية لحماية حقوق المرأة
أثبتت القوانين الأمازيغية القديمة، مثل “تامزالت”، تقدماً لافتاً في حماية حقوق المرأة مقارنة بعصورها. فقد منعت تعدد الزوجات، وأوجبت على الرجل منح نصف أملاكه للمرأة في حالة الطلاق، مما يعكس إيمان المجتمع بدور المرأة كشريكة أساسية في تحقيق الاستقرار والنجاح.
تاريخياً: المرأة عمود المجتمع
كان يُطلق على المرأة الأمازيغية لقب “آشغ آلمّاس”، أي العمود الأوسط للبيت، في إشارة إلى دورها المحوري في بناء المجتمع. كانت تقرر مواقع الخيام، تؤمن الغذاء، تنسج الفرش، وتشارك الرجل في العمل الزراعي، مما جعلها حجر الأساس في استقرار الأسرة وتماسكها.
دروس مستفادة في تجديد مدونة الأسرة
اليوم، يمكن أن يشكل النموذج الأمازيغي مصدر إلهام لتطوير تشريعات الأسرة، إذ يعكس تقديراً متقدماً لدور المرأة كمحور للمساواة والشراكة الحقيقية. فإنصاف المرأة وضمان حقوقها يُعد استثماراً في مستقبل أكثر استقراراً وعدالة.
خاتمة: المرأة الأمازيغية، نموذج أصيل
تاريخ المرأة الأمازيغية، المليء بالقيادة والريادة، هو شهادة على قيم الإنصاف التي لطالما سادت في المجتمع المغربي. ومع تجديد مدونة الأسرة، يتوجب استلهام هذا التاريخ لتأسيس منظومة عادلة تضمن حقوق النساء، وتعزز دورهن كشريكات فاعلات في بناء الأسرة والمجتمع.
4o