اخبار سريعة

حوار و آراءسلايدشو

المغرب بين إسرائيل وفلسطين: الوهم الأيديولوجي والتعاون الإستراتيجي

س.ف

يشهد المجتمع المغربي انقساماً كبيراً بشأن قضية التطبيع مع إسرائيل، وهو الانقسام الذي يعكس تبايناً في المواقف بين فئات المجتمع السياسي والفكري. هذا الانقسام يمكن تحليله من خلال المنظورين الأيديولوجي والإستراتيجي، حيث يختلف الرأي حول ما إذا كان التطبيع يتناقض مع حقوق الفلسطينيين، أو إذا كان سبيلاً لتحقيق مصالح المغرب القومية والتعاون مع إسرائيل في مجالات متعددة.

المعارضة التطبيع: المنطلقات القومية والروحية

من جهة، يتبنى العديد من المغاربة موقفاً رافضاً للتطبيع مع إسرائيل، حيث يرى هؤلاء أن التطبيع يشكل خيانة للحقوق الفلسطينية ومساساً بمواقف المغرب التاريخية من القضية الفلسطينية. هؤلاء يعارضون التعاون مع إسرائيل من منطلق القومية العربية التي تسيطر على المناهج التعليمية والتربوية في المغرب، ويعتبرون أن التطبيع يهدد الروح القومية للأمة العربية في مواجهة الهيمنة الغربية والصهيونية.

ينطلق هذا الموقف من تاريخ طويل من المناهضة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ويعتبر أن أي تطبيع مع دولة الاحتلال يساهم في مشروعية أفعالها تجاه الشعب الفلسطيني، ويعزز من الانقسام العربي في مواجهة القضية المركزية في الشرق الأوسط.

المؤيدون للتطبيع: إطار التعاون والحقوق الفلسطينية

على الجانب الآخر، هناك فئة ترى في التطبيع مع إسرائيل خطوة استراتيجية تسعى لتنمية التعاون العلمي والتقني في مجالات التكنولوجيا، العسكرية، والتجارة، دون أن يؤثر ذلك على حقوق الفلسطينيين. هذه الفئة تعتقد أن التعاون مع إسرائيل في هذه المجالات لن يتناقض مع دعم حقوق الشعب الفلسطيني، بل يمكن أن يساعد في تعزيز موقف المغرب في الساحة الدولية.

أنصار هذا الرأي يعتقدون أن العديد من الدول العربية قد جربت السياسات التصادمية مع إسرائيل دون نتائج ملموسة، في حين أن التعاون الاستراتيجي مع إسرائيل قد يعود بالنفع على التنمية الاقتصادية والعسكرية للمغرب. كما يشيرون إلى أن المصلحة الوطنية يجب أن تتجاوز الانقسامات الأيديولوجية، وأن المغرب يستطيع دعم فلسطين بشكل أكثر فعالية من خلال الانفتاح على دول أخرى مثل إسرائيل التي لديها تأثير قوي في السياسة الدولية.

التفرقة بين الصهيونية والإسلاموية والقومية

إحدى النقاط الأساسية التي يثيرها مؤيدو التطبيع هو التفرقة بين الحركة الصهيونية وحركات الإسلاموية والقومية العربية. وفقًا لهم، فبينما يمكن أن تكون الصهيونية حركة استعمارية تهدف إلى الهيمنة على فلسطين، إلا أن الحركات الإسلامية والقومية التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي تشترك في نفس المنطلقات والأهداف، وهي أحيانًا تستخدم نفس الأساليب القمعية، وهو ما يراه بعض المراقبين مفارقة كبيرة.

بالنسبة للمؤيدين للتطبيع، فإن مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة، سواء كانت صهيونية أو إسلاموية، يتطلب تعاونًا عسكريًا وتقنيًا مع دول مثل إسرائيل التي تتمتع بقدرات فائقة في هذه المجالات. هذا لا يعني، كما يوضحون، التخلي عن الموقف المبدئي تجاه القضية الفلسطينية، بل يمكن أن يسهم التعاون في دعم الاستقرار في المنطقة من خلال السياسات الأمنية والإقليمية.

التحديات المقبلة

تظل قضية التطبيع من القضايا الحساسة في المغرب، حيث تبقى الانقسامات الداخلية حول الموضوع مفتوحة على كل الاحتمالات. لكن التحدي الأكبر يكمن في موازنة المصالح الوطنية للمغرب في إطار التعاون الدولي مع الحفاظ على مواقفه التاريخية والثابتة تجاه الشعب الفلسطيني.

في ظل تغيرات الجغرافيا السياسية في المنطقة، وتعدد المصالح الدولية، يبقى السؤال الأهم هو: هل يمكن للمغرب أن يحقق التوازن المطلوب بين مصالحه الاستراتيجية وحقوق الشعب الفلسطيني، بعيدًا عن التأثيرات الأيديولوجية التي تضع حواجز بين المواقف الوطنية والواقع الدولي؟

عبر عن رأيك؟

مقالات اخرى

26 / 1

Leave A Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *