في المتابعة / الحسين وايشو
افتتح اليوم الثلاثاء، الخامس من فبراير، معرض “أليوتيس” بمدينة أكادير، وهو الحدث الذي يعد واحدًا من أبرز التظاهرات الاقتصادية في قطاع الصيد البحري بالمغرب، حيث يستقطب فاعلين اقتصاديين ومهنيين ومسؤولين حكوميين. لكن هذه النسخة لم تكن خالية من الجدل، إذ أثارت سياسة الإقصاء الإعلامي التي انتهجها المنظمون استياءً واسعًا في الأوساط الصحفية.
واعتمدت إدارة المعرض تقسيمًا غريبًا لمنابر الإعلام، حيث تم منح بعض المؤسسات الصحفية حق تغطية الافتتاح الرسمي يوم الخامس من فبراير، بحضور رئيس الحكومة وكبار المسؤولين والشخصيات الرسمية، بينما تم إجبار النصف الآخر من الصحفيين على الحضور في اليوم الموالي، أي السادس من فبراير، في خطوة غير مفهومة تنم عن تمييز واضح بين المنابر الإعلامية.
ويعد هذا الإجراء انتهاكًا صريحًا لمبدأ المساواة بين وسائل الإعلام، كما يشكل خرقًا واضحًا للمقتضيات الدستورية والقانونية التي تضمن حرية الصحافة وتكفل حق الصحفيين في الولوج إلى المعلومة دون تمييز أو تفضيل.
وينص القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر في المغرب على ضمان حرية الإعلام، وعدم فرض أي قيود غير مشروعة على الصحفيين في ممارسة مهامهم. كما يؤكد على الحق في الوصول إلى المعلومات ونقلها إلى الرأي العام بشكل عادل ومتوازن.
غير أن سياسة الإقصاء التي اعتمدها منظمو “أليوتيس” تتعارض مع هذه المبادئ، حيث تم تقسيم الصحفيين إلى فئات، في خطوة تعكس توجهاً نحو التحكم في التغطية الإعلامية وتوجيه الرأي العام عبر تمكين منابر محددة من السبق الصحفي على حساب أخرى.
وقوبل هذا التمييز باستياء كبير وسط الصحفيين، حيث اعتبر العديد منهم أن هذا الإجراء يشكل تمييزًا غير مبرر، ويطرح تساؤلات حول معايير اعتماد الصحفيين في مثل هذه التظاهرات.
أحد الصحفيين الذين حُرموا من حضور الافتتاح الرسمي، عبّر عن امتعاضه قائلاً:
“هذا القرار غير مهني وغير عادل، ويؤكد أن بعض الجهات لا تزال تتعامل مع الصحافة بمنطق الوصاية والانتقائية. نحن لسنا هنا لتلميع صورة أحد، بل لنقل الحقيقة إلى الرأي العام، ومن حقنا حضور جميع الفعاليات دون إقصاء أو تمييز.”
ما حدث في معرض “أليوتيس” يكشف عن استمرار بعض العقليات التي تحاول التحكم في الإعلام عبر فرض قيود غير مبررة على الصحفيين، وهو ما يتنافى مع التوجهات التي يفترض أن تتبناها المؤسسات المنظمة لمثل هذه التظاهرات، خاصة في ظل الحديث عن الإصلاحات التي تعرفها البلاد في مجال حرية الصحافة والشفافية.
وأمام هذا الوضع، تطالب عدة أصوات بضرورة مساءلة الجهة المنظمة لمعرض “أليوتيس” حول المعايير التي اعتمدتها في منح الاعتمادات الصحفية، وضرورة احترام مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المنابر الإعلامية.
كما دعت بعض الفعاليات الصحفية إلى تدخل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المجلس الوطني للصحافة، لضمان احترام القوانين المنظمة للمهنة، والتصدي لأي شكل من أشكال التضييق على حرية العمل الصحفي.
ويبقى معرض “أليوتيس” حدثًا اقتصاديًا مهمًا، لكن الانتقائية التي مارسها منظموه في التعامل مع الصحافة تشكل نقطة سوداء في هذه النسخة، وتطرح تساؤلات جدية حول مدى احترامهم لحرية الإعلام وحقوق الصحفيين. فهل ستتحرك الجهات المعنية لوضع حد لهذه الممارسات، أم سيظل الصحفيون رهائن قرارات إقصائية لا تخدم سوى مصالح جهات معينة؟